Monday, May 19, 2014

لاأعرف شخصا ظلم اليوم كما ظلم الأستاذ الشهيد سيد قطب رحمه الله من قبل البعض ، حتى أن بعضهم جعله إماما لكل بدعة ، بل أنه جعل سيدا وأتباعه شرا من اليهود والنصارى .. ولا تستغرب إن قلتُ لك أنه جعلهم شرا من إبليس اللعين نفسه واشد خطرا على الإسلام منه ..

وكان لهذا الغلو الشديد ردة فعل عند محبي الاستاذ سيد قطب – وإن كان غلو محبيه أقل سوءا – حتى قال بعضهم أن سيد قطب بريء من كل اتهامات هؤلاء ، وأن من تكلم في سيد فهو جاهل أو لا يفهم أو عدو للمسلمين أو غير ذلك من الأوصاف

ولو أردت أن أتكلم عن هذا الرجل وعن كل الاتهامات التي وجهت له لما وسعني هذا لأني سأحتاج لكتاب كامل لأرد على تلك الكتب ، ثم إن تلك الكتب تفرغ لها البعض لسنوات ..

ابدا اولا بشهادة الدكتور يوسف القرضاوي في مذكراته التي اوردها في الرابط التالي
http://www.islamonline.net/arabic/Ka...rticle02.shtml
حيث يقول :

(" وقفة مع الشهيد سيد قطب

لا يشك دارس منصف ولا راصد عدل في أن سيد قطب مسلم عظيم، وداعية كبير، وكاتب قدير، ومفكر متميز، وأنه رجل تجرد لدينه من كل شائبة، وأسلم وجهه لله وحده، وجعل صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين لا شريك له. ولا شك في إخلاص سيد قطب لفكرته التي آمن بها، ولا يشك في حماسه لها، وفنائه فيها، وأنه وضع رأسه على كفه، وقدم روحه رخيصة من أجلها.

ولا ريب أنه قضى سنوات عمره الأخيرة وهو في السجن يجلي الفكرة، ويشرحها بقلمه المبدع، وبيانه العذب، وأسلوبه الأخاذ. كما لا ريب أن كتبه تعطي قارئها شحنة روحية وعاطفية دافقة ودافئة ودافعة، توقظه من رقود، وتحركه من سكون؛ لما فيها من حرارة وإخلاص.

وهذه الفكرة هي التي انتهى إليها تطوره الفكري والعلمي، بعد مسيرة حافلة بالعطاء، في مجال الأدب والنقد، وفي مجال الدعوة والفكر.

ولا بد لمن يريد أن يفهم سيد قطب أن يحيط بمراحل حياته وتطوره فيها، حتى يعرف حقيقة موقفه الذي انتهى إليه".
وفي سياق مذكراته ذكر الشيخ القرضاوي ما يلي عن مؤلفات وفكر سيد قطب:

"وقد حدثني الأخ د. محمد المهدي البدري أن أحد الإخوة المقربين من سيد قطب -وكان معه معتقلا في محنة 1965م- أخبره أن الأستاذ سيد قطب عليه رحمة الله، قال له: إن الذي يمثل فكري هو كتبي الأخيرة: المعالم، والأجزاء الأخيرة من الظلال، والطبعة الثانية من الأجزاء الأولى، وخصائص التصور الإسلامي ومقوماته، والإسلام ومشكلات الحضارة، ونحوها مما صدر له وهو في السجن، أما كتبه القديمة فهو لا يتبناها، فهي تمثل تاريخا لا أكثر.

فقال له هذا الأخ من تلاميذه: إذن أنت كالشافعي لك مذهبان: قديم وجديد، والذي تتمسك به هو الجديد لا القديم من مذهبك.

قال سيد رحمه الله: نعم، غيرت كما غير الشافعي رضي الله عنه. ولكن الشافعي غير في الفروع، وأنا غيرت في الأصول!.

فالرجل يعرف مدى التغيير الذي حدث في فكره. فهو تغيير أصولي أو "إستراتيجي" كما يقولون اليوم.
"وهو على كل حال مخلص في توجهه، مأجور في اجتهاده، أصاب أم أخطأ، ما دام الإسلام مرجعه، والإسلام منطلقه، والإسلام هدفه. وأشهد أن الرجل في المرحلة الأخيرة من حياته، كان كله للإسلام، عاش للإسلام، ومات في سبيل الإسلام! فرضي الله عنه وأرضاه، وجعل الفردوس مثواه، وغفر له ما نحسب أنه أخطأ فيه، وأجره عليه أجر المجتهدين الصادقين. وغفر لنا معه أجمعين " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" [الحشر: 10]. ) انتهى


مراحل حياة سيد قطب:

مر سيد قطب بعدة مراحل في حياته ، تنقل فيها من التذبذب بين المبادئ الشيوعية السائدة في عصره وبين المبادئ الإسلامية , وهذه الفترة كانت فترة طويلة ( حوالي 40 سنة ) ، وكان سيد خلالها يكتب المقالات ، ويؤلف الكتب .. فكان كل كتاب يخرج له يعبر عنه في تلك المرحلة من عمره ... فمن يقرأ مقالاته القديمة يرى فيها النزعة القومية واضحة في أسلوبه ، ومن قرأ كتبه في بداية التزامه بالدين سيرى جهده الواضح في محاربة الاشتراكية من كثرة ما يهاجمها سيد قطب رحمه الله في كتبه ( كالعدالة الاجتماعية مثلا ) ، ومن قرأ كتبه الأخيرة سيرى التأثير الإسلامي القوي عليها ، وسيرى العاطفة الجياشة تجاه قضايا الإسلام الكبيرة ومن أخصها قضية ( لا إله إلا الله )
والغريب في الموضوع أنك تجد من ينتقد سيد قطب فيحاسبه على أخطائه التي أخطأ فيها وهو في جاهليته وقبل أن يتعرف جيدا على الإسلام، وقبل أن تتضح لديه الفكرة التي مات في سبيلها .
ولو كان من ينتقد سيد قطب رحمه الله يتكلم عن الأخطاء دون اتهام سيد بأنه يؤمن بهذا الكلام القديم لكان محقا في هذا لأنه ينتقد القول دون القائل ، ولكن القوم لا يفعلون هذا .

أما عن المراحل التي مر بها سيد قطب رحمه الله فهي عبارة عن خمس مراحل أذكرها باختصار :

أولا : مرحلة الضياع الكامل:

وهي المرحلة التي قال عنها الدكتور صلاح الخالدي أنها بدأت من 1925 – 1939 م وهي مرحلة ضياع كامل لسيد قطب رحمه الله ..

يقول الخالدي في صفحة 213 من كتاب ( سيد قطب من الميلاد للاستشهاد ) :

(( رحلة ضياع سيد هي الفترة الزمنية التي عاشها وهو جاهل بنفسه وهدفه ورسالته ووظيفته , وهو جاهل بسر الحياة , وطبيعة الكون , والصلة بينه وبين الحياة والكون .

رحلة ضياع سيد هي المرحلة التي تلقى فيها المبادئ والأفكار والتصورات والفلسفات الأوروبية والغربية المادية الجاهلية عن الكون والحياة والإنسان ..

رحلة الضياع عنده هي تلك المرحلة التي وقع فيها صراع بين التصورات الإسلامية التي تلقاها من قبل , والتصورات المادية الغربية التي تلقاها في شبابه )) باختصار
ثانيا : مرحلة الإسلاميات الفنية الأدبية:

في صفحة 269 من كتاب ( سيد قطب من الميلاد للاستشهاد ) يبدأ الخالدي في الكلام عن مراحل حياة سيد قطب التي بدأ فيها يتعرف على المنهج الإسلامي ، وقد سمى هذه المرحلة : مرحلة الإسلاميات الفنية الأدبية .

وقال الخالدي أنها تبدأ من عام 1939 ( مقال سيد عن التصوير الفني للقرآن ) إلى 1947 ..

وقال أنها مرحلة دراسة القرآن دراسة ( أدبية ) للبحث عن النواحي الجمالية الفنية في القرآن .. ومن كتب هذه المرحلة : التصوير الفني / مشاهد القيامة في القرآن .ومن يقرأ كتب هذه المرحلة يجد أن سيد قطب نفسه ينزع الصبغة الدينية عن كتبه في هذه المرحلة ويقول أنه لم يلتفت إلا للنواحي الأدبية والفنية والجمالية فقط !

ثالثا : مرحلة الإسلاميات الفكرية العامة:

تكلم الدكتور الخالدي في صفحة 273 عن هذه المرحلة الثالثة وسماها : مرحلة الإسلاميات الفكرية العامة .. حيث قال الخالدي أنها بدأت عام 1947 بكتاب العدالة الاجتماعية وانتهت عام 1953 حينما انضم سيد رحمه الله لجماعة الإخوان المسلمين .


رابعا : مرحلة النضج الفكري:

هذه المرحلة بدأ من عام 1953 إلى قبيل استشهاده رحمه الله .. وكتب هذه المرحلة هي التي أودع فيها سيد خلاصة تجربته وزبدة أفكاره ، وهي : هذا الدين ، المستقبل لهذا الدين ، خصائص التصور الإسلامي ، مقومات التصور الإسلامي ، معالم في الطريق ، في ظلال القرآن .

وهذه الكتب تبين الفرق الشاسع بين سيد قطب ( الأديب ) وسيد قطب ( الداعية المجاهد والمنظر والمفكر الإسلامي ) .. وطبعا بقي التأثير الأدبي القوي رمزا لكتابات سيد قطب .. ومن ذلك مثلا رسالته لأخته قبل استشهاده ، والتي وضعت في كتاب فيما بعد وسمي ( أفراح الروح ) ، فإن قارئها لا يمل من مطالعة هذه الصفحات من جمالها وقوتها التي قل مثيلها في الكتاب المعاصرين .


خامسا : مرحلة ما قبل الوفاة:

وهذه المرحلة لا يعرف متى بدأت بالضبط .. ولكنها بدأت قبيل وفاته بأشهر ، وانتهت - طبعا - بوفاته رحمه الله .. وهذه المرحلة ينكرها الدكتور صلاح الخالدي والشيخ يوسف العظم والدكتور عبدالله الخباص ، ودليلهم في هذا أنه لا يوجد ما يثبت ذلك ، وأنه وإن وجد هذا فلا بد أن هناك ما أثر على سيد قطب وجعله يقرر التخلي عن كتبه القديمة .

ولكن الثلاثة ( الخالدي والخباص والعظم ) يقرون تراجع سيد قطب عن الأفكار القديمة ، ولكنهم لا يقرون مسألة طلب سيد قطب من محبيه إتلاف الكتب القديمة أو – على الأقل – عدم قراءتها لأنها لم تعد تمثل فكره .
ويؤكد أخوه الشيخ محمد قطب حفظه الله حيث يقول أن سيد قطب أوصى بعدم طباعة كتبه القديمة ، والاكتفاء بستة كتب : الإسلام ومشكلات الحضارة ، هذا الدين ، المستقبل لهذا الدين ، مقومات التصور الإسلامي ، خصائص التصور الإسلامي ، في ظلال القرآن ( وخصوصا الأجزاء الإثني عشر الأولى منه حيث أنه أعاد كتابة الظلال ووصل للجزء 12 ولقي ربه قبل أن يكمل المراجعة )والشيخ محمد قطب أعرف الناس بأخيه ، والمستشار العقيل يثبت وجود رسالة من سيد قطب يعلن فيها تراجعه عن كتبه القديمة ، بل واضح جدا لكل منصف أن سيد قطب – كما ذكر العقيل – نشر هذه الرسالة وأرسلها لإخوانه في العالم الإسلامي

***أخطر التهم الموجهة له -رحمه الله-:
***أخطر التهم الموجهة له -رحمه الله-:

أولا : هل يؤمن سيد قطب بعقيدة وحدة الوجود ؟؟

تقول التهمة أن الشهيد – إن شاء الله – سيد قطب يقول بوحدة الوجود .. ويوجد هذا الكلام في موضعين من الظلال .. الأول في سورة الحديد والثاني في سورة الإخلاص :


1-ى يقول سيد رحمه الله في تفسيره لقول الله تعالى : ) هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم( في سورة الحديد :

وما يكاد يفيق من تصور هذه الحقيقة الضخمة التي تملأ الكيان البشري وتفيض حتى تطالعه حقيقة أُخرى لعلها أضخم وأقوى ، حقيقة أن لا كينونة لشيء في هذا الوجود على الحقيقة .
فالكينونة الواحدة الحقيقية هي لله وحده سبحانه ومن ثم فهي محيطة بكل شئ ، عليمة بكل شيء

الأول فليس قبله شئ والآخر فليس بعده شئ والظاهر فليس فوقه شئ والباطن فليس دونه شيء. ( وهو بكل شيء عليم ) علم الحقيقة الكاملة , فحقيقة كل شيء مستمدة من الحقيقة الإلهية وصادرة عنها . فهي مستغرقة إذن بعلم الله اللدني بها . العلم الذي لا يشاركه أحد في نوعه وصفته وطريقته . مهما علم المخلوقون عن ظواهر الأشياء ! .
ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقة الأساسية الكبرى ، وهاموا بها وفيها، وسلكوا إليها مسالك شتى :

بعضهم قال إنه يرى الله في كل شيء في الوجود . وبعضهم قال : إنه رأى الله من وراء كل شيء في الوجود . وبعضهم قال إنه رأى الله فلم ير شيئاً غيره في الوجود .. وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة إذا تجاوزنا عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال .

2- ويقول سيد في تفسيره لسورة الإخلاص كلاما نقتطع منه الشاهد :

)إنها أحدية الوجود فليس هناك حقيقة إلا حقيقته ، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده ، وكل موجود آخر إنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي , ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية ( ...... إلى أن قال رحمه الله : ( وهذه درجه يرى فيها القلب يد الله في كل شي يراه , ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئاً في الكون إلا الله لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله ( ..


فماذا كانت التهمة ؟؟

التهمة تقول :

1- (وهكذا يقرر سيد قطب وحدة الوجود والحلول ، وينسبهما إلى أهلهما الصوفية الضالة في سياق المدح ، ويدعوا إلى ذلك بقوله : " والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة ويعيش بها ولها " !! .
إنه يرى أن وحدة الوجود والحلول كمال لا يدركه كثير من الناس ، ومن لا يصل إلى هذه المرتبة من الكمال ، فحسبه أن يعيش في تدبر هذه الآية التي تدل على عظمة الله ، فحولها سيد قطب إلى وحدة الوجود والحلول ، أعظم أنواع الكفر بالله )

2- (وفي هذا تأكيد قوي لما قرره من وحدة الوجود في تفسير سورة الحديد : فهل هناك أصرح في وحدة الوجود من قوله : " إنها أحدية الوجود ، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته ، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده " ؟!) .


الدفاع عن سيد• قطب ونقاش هذا الاتهام بالقول بوحدة الوجود :

ذكرنا كلام سيد قطب الذي يستند إليه من يقول أنه يؤمن بوحدة الوجود .. فماذا يقول أهل وحدة الوجود حقا ؟!

سنقتطع بعض ما قيل عنهم على شكل نقاط :

أولا : وحدة الوجود مذهب فلسفي لا ديني يقول بأن الله والطبيعة حقيقة واحدة ، وأن الله هو الوجود الحق ، ويعتبرونه - تعالى عما يقولون علواً كبيراً - صورة هذا العالم المخلوق ، أما مجموع المظاهر المادية فهي تعلن عن وجود الله دون أن يكون لها وجود قائم بذاته .

ثانيا : يتلخص مذهب ابن عربي – أحد القائلين بوحدة الوجود - في وحدة الوجود في إنكاره لعالم الظاهر ولا يعترف بالوجود الحقيقي إلا لله ، فالخلق هم ظل للوجود الحق فلا موجود إلا الله فهو الوجود الحق .

ثالثا : يقول الإمام ابن تيمية بعد أن ذكر كثيراً من أقوال أصحاب مذهب وحدة الوجود " يقولون : إن الوجود واحد ، كما يقول ابن عربي - صاحب الفتوحات - وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني وأمثالهم - فإنهم لا يجعلون للخالق سبحانه وجوداً مبايناً لوجود المخلوق . وهو جامع كل شر في العالم ، ومبدأ ضلالهم من حيث لم يثبتوا للخالق وجوداً مبايناً لوجود المخلوق وهم يأخذون من كلام الفلاسفة شيئاً ، ومن القول الفاسد من كلام المتصوفة والمتكلمين شيئاً ومن كلام القرامطة والباطنية شيئاً فيطوفون على أبواب المذاهب ويفوزون بأخس المطالب ، ويثنون على ما يذكر من كلام التصوف المخلوط بالفلسفة " ( جامع الرسائل 1- ص 167)


هذه هي أفكار القائلين بوحدة الوجود، يقولون أن الله اختلط بخلقه ! فليس هناك حقيقة إلا حقيقته فقط ، فهم صورة الله في الأرض .. وهم كالموج للبحر ، الحقيقة واحدة لا تنفصل ، فلا يثبتون لله ذاتا منفصلة عن ذوات عبيده ..


والسؤال هنا : هل اتهام سيد قطب بهذه التهمة الخطيرة يحتاج لدليل واضح بين لأنها تهمة مكفرة ، أم أننا لا نحتاج لعبارة واضحة ويكفينا حتى العبارات الموهمة ؟

والسؤال الثاني : هل نكتفي بموضعين من الظلال فيهما عبارات موهمة للحكم على سيد قطب أنه يقول بوحدة الوجود ، أم أننا يجب أن نرى رأيه حول هذه العقيدة الكفرية من مجمل كلامه في كتبه – وخصوصا المتأخرة منها – ؟

الحقيقة المؤسفة أن من اتهم سيد قطب بهذه العقيدة لم يستند إلى عبارات قوية واضحة تكفي لإخراج سيد من الإسلام إلى الكفر , بل إنه استند لعبارتين – فقط – ونستطيع أن نقول عنهما أنهما " موهمتين " .. وهذا المتهِم قد ترك غيرهما عشرات العبارات الصريحة التي تدل دلالة قطعية لا شك فيها – إلا لمن أعماه الجهل والتعصب لمشايخه – على أن سيد قطب يهاجم وحدة الوجود والقائلين بها …!
والصحيح – عند العقلاء والمنصفين - أن العبارة الموهمة لا ينبغي أن تكون مستندا لتكفير شخص ما – سواء سيد أو غيره - وإخراجه عن دائرة الإسلام .. خصوصا إن كان معها ما يزيل هذا الوهم ويزيل هذا اللبس ، فكيف إن وجد من نفس الشخص من العبارات ما يهاجم به هذه العقيدة الكفرية ؟!
ثم غاية هذا أن يكون بحثا لفظيا والبحوث اللفظية لا توجب خلافا معنويا ، فضلا عن التكفير … اللهم إلا على قول هذا الجاهل !

إن المتكلم إذا عنى معنى صحيحا بعبارته ، وتوهم منها بعض الناس نقصا كان ذلك كفرا ، وهذا لا يقوله إلا من انسلخ من العقل والدين ! لا سيما إذا كان التقصير إنما هو من المستمع لا تقصير في عبارة المتكلم

ولو سلكنا مسلك هؤلاء الذين انسلخوا من العقل والإنصاف والدين لكفرنا أصحاب عيسى عليه السلام ( الحواريين !!(

فإن الحواريين قالوا : { هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء } ؟!

ونقول : الحواريون يشككون في مقدرة ربنا عز وجل ! والحواريون يستهزؤون بربنا وبنبيه ويقولون هذه العبارة على شكل استهزاء وتنقص !

وهل يقول هذا عاقل ؟!

لسيد قطب عبارات واضحة جدا يرد بها على عقيدة وحدة الوجود .. والغريب أن بعض مبغضي سيد قطب يعرفون هذه العبرات ويقرؤونها .. ولكن ( لهم قلوب لا يفقهون بها ، ولهم أعين لا يبصرون بها ، ولهم آذان لا يسمعون بها (…!!

من الأمثلة التي تثبت أن سيد قطب لا يؤمن بوحدة الوجود , بل تثبت أنه يهاجمها :

أولا : قول سيد في تفسير سورة البقرة :

) والنظرية الإسلامية أن الخالق غير المخلوق { ليس كمثله شئ } ومن هنا تنتفي من التصور الإسلامي فكرة وحدة الوجود على ما يفهمه غير المسلم من هذا الاصطلاح، أي بمعنى أن الوجود وخالقه وحدة واحدة ، أو أن الوجود إشعاع ذاتي للخالق ، أو أن الوجود هو الصورة المرئية لموجده ، أو على أي نحو من أنحاء التصور على هذا الأساس .. والوجود وحدة في نظر المسلم على معنى آخر )


ثانيا : قوله في تفسير آية الكرسي :

( تبدو سائر التصورات المنحرفة للذين جاءوا من بعد الرسل فخلطوا بين حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية ، فزعموا لله سبحانه خليطا يمازجه أو يشاركه بالنبوة أو بغيرها من الصور في أي شكل وفي أي تصور ) ..


ثالثا : - وهذه من المفارقات – في سورة الحديد ، وفي نفس المقطع الذي يقال أن سيد قطب أثبت وحدة الوجود فيه :

" فهذا الوجود الإلهي هو الوجود الحقيقي الذي يستمد منه كل شئ وجوده وهذه الحقيقة هي الحقيقة الأولى التي يستمد منها كل شئ حقيقته "

المقطع هذا يتكلم فيه سيد قطب عن وحدة " الفاعلية " ، أي أنه لا مؤثر ولا فاعل في هذا الكون إلا الله ، وأن كل الكون يستمد كينونته ووجوده وحقيقته من الله ..
أي أنه يثبت وجودا خاصا ب لله عز وجل وسماه ( الوجود الإلهي ) .. ثم أثبت له حقيقة يستمد منها الوجود حقيقته .
ومن تأمل المقطع – الذي ذكر بتمامه سابقا – وجد أن سيد قطب رحمه الله لا يمدح فعل الصوفية ، بل يذمهم حيث أنه يقول أنهم وصلوا لأول هذه الحقيقة – حقيقة أن هذا الوجود يستمد وجوده من واجده – ثم ذمهم لكونهم اعتزلوا الحياة ولم يستفيدوا من هذه الحقيقة .. وهو – أي سيد قطب – يقصد في كلامه أن يقول :

اقطع صلتك بكل موجود ، واتصل بموجد هذا الوجود .. فلا تأثير ولا فاعلية لأحد إلا لله أو بأمر من الله .!

فتحور هذا الكلام ليصبح قائله مؤمنا بوحدة الوجود !

رابعا : - وهذه أيضا من المفارقات – إن من يتهم سيد قطب بالإيمان بوحدة الوجود يستدل بكلامه المذكور آنفا في سورة الإخلاص .. والمفارقة هنا أن سيد قطب رحمه الله في نفس السورة وفي الصفحة التي تلي الصفحة التي يستدل البعض بها على إيمان سيد بوحدة الوجود ، فإننا نجد أن سيدا يهاجم فكرة وحدة الوجود !!!!!!

يقول سيد قطب في الظلال صفحة 4004 :

" ( الله الصمد ).. ومعنى الصمد اللغوي : السيد المقصود الذي لا يقضى أمر إلا بإذنه . والله - سبحانه - هو السيد الذي لا سيد غيره ، فهو أحد في ألوهيته والكل له عبيد . وهو المقصود وحده بالحاجات ، المجيب وحده لأصحاب الحاجات . وهو الذي يقضي في كل أمر بإذنه ، ولا يقضي أحد معه .. وهذه الصفة متحققة ابتداء من كونه الفرد الأحد .
(لم يلد ولم يولد ).. فحقيقة الله ثابتة أبدية أزلية ، لا تعتورها حال بعد حال . صفتها الكمال المطلق في جميع الأحوال . والولادة انبثاق وامتداد ، ووجود زائد بعد نقص أو عدم ، وهو على الله محال . ثم هي تقتضي زوجية . تقوم على التماثل . وهذه كذلك محال . ومن ثم فإن صفة
(( أحد )) تتضمن نفي الوالد والولد ..
( ولم يكن له كفوا أحد ) .. أي لم يوجد له مماثل أو مكافئ . لا في حقيقة الوجود ، ولا في حقيقة الفاعلة ، ولا في أي صفة من الصفات الذاتية " .

هل هذا كلام أصحاب عقيدة الوجود أيها العقلاء ؟؟!!!!

خامسا : يقول سيد في ( خصائص التصور الإسلامي ) صفحة 183 في فصل ( التوحيد ) – وقد كتبه سيد عام 1962م أي بعد الظلال !!! – :

(يقوم التصور الإسلامي على أساس أن هناك ألوهية وعبودية .. ألوهية يتفرد بها الله سبحانه , وعبودية يشترك فيها كل من عداه وما عداه .. وكما يتفرد الله سبحانه بالألوهية , كذلك يتفرد تبعا لهذا بكل خصائص الألوهية .. وكما يشترك كل حي وكل شيء بعد ذلك في العبودية , كذلك يتجرد كل حي وكل شيء من خصائص الألوهية .. فهناك إذا وجودان متميزان : وجود الله ووجود ما عداه من عبيد الله .. والعلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق , والإله بالعبيد)
سادسا : في آخر كتاب له ( مقومات التصور الإسلامي ) , نرى أن سيد قطب رحمه الله يبطل هذه التهمة :

جاء في فصل (( ألوهية العبودية )) ( ص 83 ) :

( إن التصور الإسلامي يفصل فصلا تاما بين طبيعة الألوهية وطبيعة العبودية ، وبين مقام الألوهية ومقام العبودية ، وبين خصائص ا لألوهية وخصائص العبودية ، فهما لا تتماثلان ولا تتداخلان ( .

وجاء في نفس الفصل ( ص 118 ( :

)لقد اعتبر الإسلام قضية التوحيد هي قضيته الأولى وقضيته الكبرى . توحيد الألوهية وإفرادها بخصائصها ، والاعتراف بها لله وحده ، وشمول العبودية لكل شيء ولكل حي ، وتجريدها من خصائص الألوهية جميعا .. فالتوحيد - على هذا المستوى وفي هذا الشمول - هو مقوم الإسلام الأول (

وبعد هذا العرض يتبين لنا أن اتهام سيد بهذه التهمة اتهام خاطئ وظالم ..


التهمه اثانية: سيد قطب يسب الصحابة !

ثانيا: سيد قطب يسب الصحابة !


التهمة :

تقول التهمة أن سيد قطب رحمه الله يبغض الصحابة وينتقص من قدرهم ، خصوصا ثلاثة منهم :

1- عثمان بن عفان

2- معاوية بن أبي سفيان

3- عمرو بن العاص




وهذه التهمة يدلل عليها بكتابي : " العدالة الاجتماعية " و " كتب وشخصيات " .

فمن الأمثلة قول سيد قطب في العدالة :


قال سيّد قطب في كتابه "العدالة الاجتماعيّة"[ص159]: "هذا التّصوّر لحقيقة الحكم قد تغيّر شيئًا ما دون شكّ على عهد عثمان - وإن بقي في سياج الإسلام - لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير. ومن ورائه مروان بن الحكم يصرّف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام.كما أنّ طبيعة عثمان الرّخيّة، وحدبه الشّديد على أهله، قد ساهم كلاهما في صدور تصرّفات أنكرها الكثيرون من الصّحابة من حوله، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنة التي عانى الإسلام منها كثيرًا.
منح عثمان من بيت المال زوج ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم. فلمّا أصبح الصّباح جاءه زيد بن أرقم خازن مال المسلمين، وقد بدا في وجهه الحزن وترقرقت في عينه الدّموع، فسأله أن يعفيه من عمله؛ ولما علم منه السّبب وعرف أنّه عطيته لصهره من مال المسلمين، قال مستغربًا: "أتبكي يا ابن أرقم أن وصلت رحمي؟" فردّ الرجل الّذي يستشعر روح الإسلام المرهف: "لا يا أمير المؤمنين. ولكن أبكي لأنّي أظنّك أخذت هذا المال عوضًا عمّا كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله. والله لو أعطيته مئة درهم لكان كثيرًا!" فغضب عثمان على الرّجل الّذي لا يطيق ضميره هذه التّوسعة من مال المسلمين على أقارب خليفة المسلمين وقال له: "ألقِ المفاتيح يا ابن أرقم فإنّا سنجد غيرك"!
والأمثلة كثيرة في سيرة عثمان على هذه التّوسعات؛ فقد منح الزّبير ذات يوم ستمائة ألف، ومنح طلحة مائتي ألف، ونفّل مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية. ولقد عاتبه في ذلك ناس من الصّحابة عل رأسهم علي بن أبي طالب، فأجاب: "إنّ لي قرابة ورحمًا" فأنكروا عليه وسألوه: "فما كان لأبي بكر وعمر قرابة ورحم؟" فقال: "إنّ أبا بكر وعمر كان يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي" فقاموا عنه غاضبين يقولون: "فهديهما والله أحب إلينا من هديك"
وغير المال كانت الولايات تغدق على الولاة من قرابة عثمان. وفيهم معاوية الّذي وسع عليه في الملك فضمّ إليه فلسطين وحمص؛ وجمع له قيادة الأجناد الأربعة ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد. وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله الّذي آواه عثمان وجعل ابنه مروان بن الحكم وزيره المتصرّف. وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السّرح أخوه من الرّضاعة…الخ" اهـ كلامه.

قال سيد قطب في كتابه :[ كتب وشخصيات] ص/[242-243] :


" إن معاوية وزميله عمْراً لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب. ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع. وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذ ب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك على أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل. فلا عجب ينجحان ويفشل، وإنه لفشل أشرف من كل نجاح.

على أن غلبة معاوية على علي، كانت لأسباب أكبر من الرجلين : كانت غلبة جيل على جيل، وعصر على عصر، واتجاه على اتجاه. كان مد الروح الإسلامي العالي قد أخذ ينحسر. وارتد الكثيرون من العرب إلى المنحدر الذي رفعهم منه الإسلام، بينما بقي علي في القمة لا يتبع هذا الانحسار، ولا يرضى بأن يجرفه التيار. من هنا كانت هزيمته , وهي هزيمة أشرف من كل انتصار."



ولكن : هل كان سيد قطب يؤمن بالكلام هذا حين موته ؟ أم أنه رجع عنه ؟ وما هو الرد على من قال بأن سيد قطب :

1- لا يحترم الصحابة

2- يطعن فيهم

3- رافضي !

4- يشابه الروافض والخوارج في سبهم للصحابة رضي الله عنهم

وما هي الأدلة على ردودنا عليهم ؟!


أولا :

كتاب " العدالة الاجتماعية " و كتاب " كتب وشخصيات " من الكتب القديمة لسيد قطب .. وكان دافعه لكتابة " العدالة " هو الرد على الاشتراكيين في وقته ..

ثانيا :

هذا الكتاب والكتاب الآخر " كتب وشخصيات " ، يجمع العارفون بسيد قطب رحمه الله أنه تخلى عن " الأفكار " و " التصورات " التي فيه .. مع اختلافهم في تخلي سيد قطب عن الكتب نفسها ..

ثالثا :

هناك الكثير من النماذج في ( الظلال ) والتي تبين احترام سيد قطب رحمه الله للصحابة ، وحبه لهم ، وترضيه عنهم ، ومدحه وثناءه عليهم

عثمان بن عفان رضي الله عنه في الظلال :



ثم تابع اليهود كيدهم للإسلام وأهله منذ ذلك التاريخ . . كانوا عناصر أساسية في إثارة الفتنة الكبرى التي قتل فيها الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي اللّه عنه - وانتثر بعدها شمل التجمع الإسلامي إلى حد كبير . . . وكانوا رأس الفتنة فيما وقع بعد ذلك بين علي - رضي اللّه عنه - ومعاوية . . وقادوا حملة الوضع في الحديث والسيرة وروايات التفسير . . وكانوا من الممهدين لحملة التتار على بغداد وتقويض الخلافة الإسلامية . .

(الظلال 1628)


ثم إن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والإسراع . وحض أهل الغنى على النفقة وحمل المجاهدين الذين لا يجدون ما يركبون ؛ فحمل رجال من أهل الغنى محتسبين عند اللّه . وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين ، عثمان بن عفان – رضي اللّه عنه – فأنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها . . قال ابن هشام:فحدثني من أثق به أن عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار ، فقال رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم -: اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض .

(الظلال 1723 )


خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فحث على جيش العسرة ، فقال عثمان بن عفان:عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها . قال:ثم نزل مرقاة من المنبر ، ثم حث ، فقال عثمان:عليَّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها . قال:فرأيت رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم - يقول بيده هكذا يحركها [ وأخرج عبد الصمد يده كالمتعجب ] : ما على عثمان ما عمل بعد هذا . . [ وهكذا رواه الترمذي عن محمد بن يسار عن أبي داود الطيالسي ، عن سكن بن المغيرة أبي محمد مولى لآل عثمان به . وقال:غريب من هذا الوجه ] . ورواه البيهقي من طريق عمرو بن مرزوق عن سكن بن المغيرة به ، وقال:ثلاث مرات وأنه التزم بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها . .

( الظلال 1724 )

معاوية بن أبي سفيان (ر) في ( الظلال ):


روى الإمام أحمد . قال:حدثنا وكيع ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي السفر ، قال " كسر رجل من قريش سن رجل من الأنصار . فاستعدى عليه معاوية . فقال معاوية : سنرضيه . . فألح الأنصاري . . فقال معاوية : شأنك بصاحبك ! – وأبو الدرداء جالس- فقال أبو الدرداء : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من مسلم يصاب في جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة , أو حط عنه به خطيئة " .. فقال الأنصاري : فإني قد عفوت ..

( الظلال 899 – 900 )


ولقد ترك القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين أثرا قويا وطابعا عاما في هذه الناحية ، ظل هو طابع التعامل الإسلامي الفردي والدولي المتميز . . روى أنه كان بين معاوية بن أبي سفيان وملك الروم أمد ، فسار إليهم في آخر الأجل . حتى إذا انقضى وهو قريب من بلادهم أغار عليهم وهم غارون لا يشعرون ، فقال له عمر بن عتبة : الله أكبر يا معاوية ، وفاء لا غدر ! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كان بينه وبين قوم أجل فلا يحلن عقده حتى ينقضي أمدها " !

فرجع معاوية بالجيش .

والروايات عن حفظ العهود - مهما تكن المصلحة القريبة في نقضها - متواترة مشهورة .

(الظلال 2192 –2193)

لو طالعنا الكتاب لما وجدنا غير انتقادات لبعض السياسات العامة كمسألة تحويل الخلافة الشوروية إلى ملك عضود وبعض السياسات المالية وغيرها مما انتقده جماهير أهل السنة على سياسة معاوية(ر) وليس على شخصه


عمرو بن العاص (ر) في الظلال


ينقل فيه سيد قطب حادثة شهيرة حصلت من أحد أبناء عمرو بن العاص (ر) :

ولقد ضربت أبشار بني إسرائيل في طاغوت الفرعونية حتى ذلوا . بل كان ضرب الأبشار هو أخف ما يتعرضون له من الأذى في فترات الرخاء ! ولقد ضربت أبشار المصريين كذلك حتى ذلوا هم الآخرون واستخفهم فرعون ! ضربت أبشارهم في عهود الطاغوت الفرعوني ؛ ثم ضربت أبشارهم في عهود الطاغوت الروماني . . ولم يستنقذهم من هذا الذل إلا الإسلام ، يوم جاءهم بالحرية فأطلقهم من العبودية للبشر بالعبودية لرب البشر . . فلما أن ضرب ابن عمرو بن العاص – فاتح مصر وحاكمها المسلم – ظهر ابن قبطي من أهل مصر – لعل سياط الرومان كانت آثارها على ظهره ما تزال – غضب القبطي لسوط واحد يصيب ابنه – من ابن فاتح مصر وحاكمها – وسافر شهراً على ظهر ناقة ، ليشكو إلى عمر بن الخطاب – الخليفة المسلم – هذا السوط الواحد الذي نال ابنه ! – وكان هو يصبر على السياط منذ سنوات قلائل في عهد الرومان – وكانت هذه هي معجزة البعث الإسلامي .

( الظلال 1364 )

مدح الأستاذ سيد قطب للصحابة أكثر من أن يحصى ، ولذلك فسنكتفي بعرض سبع مواضع فقط من الظلال لنرى صحة ما يقوله البعض من بغض سيد قطب رحمه الله للصحابة !! ومن أراد المزيد فليراجع الظلال وسيرى ما يسره فيه !

وبعد هذا أليس من العدل أن ترجعوا لآخر ما كتبه في حياته حتى تتبينوا رأيه النهائي في الصحابة ؟!

علي السقاف جده



No comments: