Sunday, May 18, 2014


1.    محاكم التفتيش الصليبية

--------------------------------------------------------------------------------

مقد مة
وهي محاكم خاصة انشأتها الكنيسة الكاثوليكية في القرن الثالث عشر لمحاربة
فكرة الشرك بالله او الهرطقة.. فكان الهراطقة المشكوك فيهم فاذا رفضوا الاعتراف
قدموا الى المحاكم وكان يسمح بالتعذيب بالاضافة الى المحاكمة بموجب أمر
بابوي اصدر البابا انوسنت الرابع عام 1252م.. أما الهراطقة غير التائبين فكانوا
يعاقبون بالحرم الكنسي او السجن او مصادرة البضائع او كانوا يسلمون الى
السلطة لكي يحرقوا احياء ودامت محاكم التفتيش نحو 300 سنة ثم اوقفت عام
1542
م، مع ان محاكم التفتيش الاسبانية (الاشد وحشية) التي انشئت
في نهاية القرن الخامس عشر بأمر فرديناند وايزابلا لاغراض تتعلق بالأمن القومي،
وكانت موجهة بشكل خاص ضد اليهود والمور (Moors) والبروتستانت.. لم يبطل
هذه المحاكم الا في عام 1834م.
تم انشاء محاكم التفتيش على يد الملك لويس لسابع ملك فرنسا لمحاربة الخارجين عن المسيحية وتم استخدام محاكم التفتيش فى الاندلس بعد احتلال الاسبان لها بغرض محاربة المسلمين وتنصيرهم او قتلهم وقد اسثطاع نابليون بنوابرت بعد احتلال اسبانيا من التخلص من محاكم التفتيش.
اشهر الكتب التي تم تاليفها عن محاكم التفتيش
مؤلف كتاب_ محاكم التفتيش _ هو البروفيسور إدوارد بورمان المختص بالدراسات الدينية المقارنة. قد كرس كتابه هذا للتحدث عن موضوع طالما شغل المثقفين في الغرب الأوروبي ـ الأميركي: ألا وهو محاكم التفتيش السيئة الذكر والتي طالما قمعت العلماء والمفكرين من كوبر نيكوس، إلى غاليليو، إلى ديكارت، إلى معظم فلاسفة التنوير في القرنين السابع عشر والثامن عشر بل وحتى التاسع عشر فيما يخص إسبانيا والبرتغال.
ومحاكم التفتيش التي ماتت الآن في أوروبا بفضل استنارة العقول تحولت إلى شيء آخر أو مؤسسة أخرى. وهي الآن موجودة في الفاتيكان وتدعى باسم: المجمع المقدس للحفاظ على عقيدة الإيمان المسيحي. صحيح أنها لم تعد تحرق المفكرين وكتبهم كما كانت تفعل سابقاً ولكنها تراقب أي خروج على العقيدة أو أي انتهاك لها وتعاقبه عن طريق فصل الأستاذ من عمله أو منعه من تدريس مادة اللاهوت المسيحي
وقد كان الهدف من إقامة محاكم التفتيش هو الدفاع عن الإيمان المسيحي في مذهبه الكاثوليكي البابوي الروماني. وقد أسسوها في البداية لمحاربة بعض الفئات المسيحية المارقة في فرنسا، ثم وسعوها لكي تشمل طوائف أخرى عديدة لا تلتزم كليا أو حرفيا بالشعائر المسيحية الكاثوليكية. وأخيراً وسعوها لكي تشمل بقايا الوثنية التي لم تمت بعد في أوروبا، وكذلك لكي تشمل كل أعمال الكفر أي شتم المقدسات المسيحية أو النيل منها أو الاستهزاء بها.
هذا هو هدف محاكم التفتيش في البداية ولكن كيف كانت تشتغل هذه المحاكم يا ترى؟ وما هي منهجيتها في المحاكمة؟ على هذا السؤال يجيب المؤلف قائلا: «كانت تشتغل على النحو التالي: بمجرد ان يشتبهوا في شخص ما، كانوا يقبضون عليه ويخضعونه للتحقيق فإذا اعترف بذنبه تركوه وإذا لم يعترض عذبوه حتى يعترف وإذا أصر على موقفه ألقوه طعمة للنيران وأحياناً كانوا يصدقونه ويعتبرونه بريئاً من التهمة الموجهة إليه فيخلون سبيله».
وكان يصل الأمر بهم إلى حد محاكمة الشخص حتى بعد موته! فإذا ما ثبت لهم أنه مذنب أو خارج على العقيدة المسيحية فإنهم كانوا ينبشون قبره ويستخرجون جثته ويحرقونها معاقبة له
وبالتالي فالحروب الصليبية ابتدأت أولاً في الداخل قبل أن تنتقل إلى الخارج. وهذا شيء يجهله الكثيرون. فقد كانوا يعتبرون زنادقة الداخل بمثابة طابور خامس يشكل خطراً على المسيحية أكثر من الإسلام. ولذلك حصلت مجازر كثيرة في تلك المنطقة الفرنسية. ولم يستطيعوا التغلب على «الزنادقة» إلا بعد مقاومة عنيفة وجهد جهيد. ولا تزال آثار هذه المجازر حاضرة في الذاكرة الفرنسية الجماعية حتى الآن
وبالتالي فمحاكم التفتيش لم تنته من الذاكرة الجماعية، وإنما لا تزال آثارها عالقة في النفوس حتى الآن. ثم يردف المؤلف قائلاً: بين عامي 1250 ـ 1257، أي طيلة سبع سنوات قاد محاكم التفتيش في جنوب فرنسا زعيم كاثوليكي أصولي متعصّب جداً يدعى «روبير لوبوغر». وقد فتّش كل المدن والأرياف هناك بحثاً عن الزنادقة أو المزعومين كذلك.
وحرق بالنار واحداً وعشرين شخصاً، وسجن مدى الحياة (239)، ورمى في النار الكاهن الزنديق لطائفة «الكاتاريين» المارقة. وحكم على قرية بأكملها بالمحرقة، لأنه اتهمها بإخفاء أحد الزنادقة الكبار من رجال الدين الكاتاريين.
ثم يضيف المؤلف : أما أبشع محاكم التفتيش في العالم فكانت في إسبانيا التي كانت مشهورة بتعصبها الديني الكاثوليكي. وقد ابتدأت هناك عام 1480 قبل انتهاء الحروب التي أدت إلى طرد العرب والمسلمين من إسبانيا. وكان على رأسها الملكة إيزابيل الكاثوليكية جداً، وكذلك زوجها فيردنان.
وقد استهدفت محاكم التفتيش أولاً «المسيحيين الجدد» لمعرفة فيما إذا كانوا قد اعتنقوا المسيحية عن جَدّ، أو لأسباب تكتيكية ومنفعية خالصة. وهؤلاء الناس كانوا سابقاً إما مسلمين وإما يهوداً، اعتنقوا مذهب الأغلبية خوفاً من الاضطهاد والملاحقات. وكان ذلك بعد أن انتصرت الجيوش المسيحية على العرب وإنهاء حكم ملوك الطوائف في الأندلس.
وليس من قبيل الصدفة أن يكون مركز محاكم التفتيش في اشبيلية، إحدى عواصم التنوير الأندلسي في سالف الأزمان.. ومن أشهر قادة محاكم التفتيش ليس فقط في إسبانيا وإنما في العالم كله شخص يدعى: توماس توركمادا. ومجرد ذكر اسمه لا يزال يثير القشعريرة في النفوس حتى هذه اللحظة. منذ كان أكبر أصولي متزمت في الغرب المسيحي كله. وكانت جرأته على القتل والذبح تفوق الوصف.
وكان مقرباً جداً من الملكة إيزابيل التي لا تقل تعصباً عنه. ولذلك عيَّنوه رئيساً لمحاكم التفتيش الإسبانية بين عامي 1481 ـ 1498: أي طيلة سبعة عشر عاماً! وفي ظل عهده «الميمون»، أطلقت محكمة التفتيش في طليطلة الأحكام التالية: حرق عشرة آلاف ومئتين وعشرين شخصاً بالنار. ذبح ستة آلاف وثمانية وأربعين زنديقاً آخرين.
تعذيب خمسة وستين ألفاً ومئتين وواحد وسبعين شخصاً حتى الموت في السجون. شنق اثني عشر ألفاً وثلاثمائة وأربعين شخصاً، متهماً بالزندقة أو الخروج عن الخط المستقيم للدين المسيحي. الحكم على تسعة عشر ألفاً وسبعمئة وستين شخصاً بالأشغال الشاقة والسجن المؤبد. باختصار فإن هذه الأحكام المرعبة شملت مالا يقل عن مئة ألف وأربعة عشر شخصاً، ويزيد. وكل ذلك حصل في منطقة طليطلة وحدها. فما بالك بما حصل في مختلف مناطق إسبانيا الأخرى؟!
ثم يختتم المؤلف موضوعه المخيف : وكل هؤلاء الزنادقة كانوا يجردونهم من أملاكهم وأموالهم وأرزاقهم. ولكن «توركمادا» رفض أن يأخذها لنفسه، أو يغتني على حساباه. وإنما ظل رجلاً فقيراً كأي راهب صغير بعد أن أعطاها للكنيسة أو للجمعيات الخيرية المسيحية.


علي السقاف جدة

No comments: