Sunday, September 23, 2007

كتاب الشهر: تاريخ اليمن ل عمارة اليمني

كتاب الشهر: تاريخ اليمن ل عمارة اليمني
المؤلف: للفقيه الاديب نجم الدين عمارة بن ابي الحسن علي الحكيمي اليمني يعرف عند اهل بلده بالحدقي وعند اهل مصر باليمني وعند اهل اليمن وعدن والجبال بالفقيه وعند اهل زبيد بالفرضي كتاب يعتبر من نوادر الكتب قام باكتشافه المستشرق كاي كمخطوط في مكتبة المتحف البريطاني 1886م بثلاثه اجزاء منفصله الاول منها ب 85ورقه يشمل الاحداث التي وقعت في اليمن من 1215الى سنة 1258هجريه(1800الى 1842م) اما الجزء الثاني فهو168 صفحه وهوتاريخ عمارة ولم يكتب من قام بالنسخ ويوجد كثير من الحذف والاخطاء يذكر (كاي)بانه سيواجه صعوبه كبيره في الترجمه والتحقيق الا انه استعان بكثير من الكتب مثل كتاب ابن خلكان وقد قام المستشرق كاي بنشرالكتاب عام 1892م كما قام بتحقيقه الدكتور حسن سليمان محمود في سنة 1957م كما يحوي الكتاب المختصر المنقول من كتاب العبر للقاضي عبدالرحمن بن خلدون المغربي ثم اخبار القرامطه باليمن تاليف الاجل البهاء الجندي اخر الكتاب يوجد فهارس للاعلام والقبائل والاماكن والموضوعات طباعة الكتاب وغلافه جيده جدا قمت بقراءت الكتاب مرتين استعدادا للتلخيص حيث وساقوم – انشاءالله – بعرض موجز عنه على حلقات وارجو ان اوفق علي السقاف جده


الحلقه الثانيه

من مقدمة المستشرق كاي للكتاب اختزل اهم نقاط الكتاب فرايت ان اقتبسها علما ان كتاب اللطائف السنيه في اخبار الممالك اليمنيه
للعلامه المؤرخ محمدبن اسماعيل الكبسي
والذي لخصته كاملا وقدمته لكثير من المنتديات اليمنيه
قد نقل اغلب احداث كتابه من هذا الكتاب ويكاد يكون النقل حرفيا لهذا رايت ان اكتفي بمقدمة المستشرق كاي فهي اعطت موجزا يكاد يكون
كاملا عن اهم نقاط الكتاب

المؤلف تلقى العلم على كثير من العلماء و بخاصة ابن الأبار الذي أخذ عنه المذهب الشافعي. و اشتغل بعد ذلك بالتجارة. فسافر إلى عدن و التقى فيها بالأديب الفاضل أبو بكر بن محمد العيدي فأكرمه, و أمره بمدح الداعي محمد بن سبا - و هو إذ ذاك صاحب الدعوة الفاطمية في اليمن - فأعتذر بحجة أنه لا يجيد الشعر. فعمل الأديب قصيدة على لسان عمارة هنأ بها الداعي بإعراسه على بنت الشيخ بلال, و تولى العيدي إلقاءها أمام الداعي, فنال بذلك جائزة, و أخرى من بلال, و أعطاها عمارة و قال له:"إنك قد وسمت عند القوم بسمة شاعر, فطالع كتب الأدب و لا تجمد على الفقه" فكان ذلك سبب تعلمه له, و اشتغاله بالشعر و صحبة الملوك من ذلك الوقت, و لم يزل مصاحباً لملوك آل زريع خاصة, حتى ليوشك ألا يشتهر عنه قول الشعر في غيرهم من ملوك اليمن. . حج سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وسيره قاسم بن هاشم ابن فليتة صاحب مكة المكرمه رسولاً إلى الديار المصرية، فدخلها في شهر ربيع الأول سنة 550، وصاحبها يومئذ الفائز بن الظافر، والوزير الصالح ابن رزيك وأنشدهما في تلك الدفعة قصيدته الميمية، وهي: الحمد للعيس بعد العزم والهـمـم ----------- حمداً يقوم بما أولت من النـعـم لا أجحد الحق عندي للركـاب يد ----------- ٌ تمنت اللجم فيها رتبة الخـطـم قربن بعد مزار العز من نظـري ----------- حتى رأيت إمام العصر من أمـم ورحن من كعبة البطحاء والحرم ----------- وفداً إلى كعبة المعروف والكرم فهل درى البيت أني بعد فرقتـه ----------- ما سرت مـن حـرمٍ إلا حـرم حيث الخلافة مضروبٌ سرادقهـا ----------- بين النقيضين من عفو ومن نقـم ولـلإمـامة أنـوارٌ مـقــدسة ----------- تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم وللنـبـوة آيات تـنـص لـنـا ----------- على الخفيين من حكم ومن حكم وللمكارم أعـلامٌ تـعـلـمـنـا ----------- مدح الجزيلين من بأس ومن كرم وللعلا ألسنٌ تثني مـحـامـدهـا ----------- على الحميدين من فعل ومن شيم وراية الشرف البذاخ ترفـعـهـا ----------- يد الرفيعين من مجدٍ ومن همـم أقسمت بالفائز المعصوم معتقـداً ----------- فوز النجاة وأجر البر في القسـم لقد حمى الدين والدنيا وأهلهـمـا ----------- وزيره الصالح الفراج للغـمـم اللابس الفخر لم تنسج غـلائلـه ----------- إلا يد الصنعين السيف والقـلـم وجوده أوجد الأيام ما اقتـرحـت ----------- وجوده أعدم الشاكين لـلـعـدم قد ملكته العوالي رق مـمـلـكة ----------- تعير أنف الثريا عزة الـشـمـم أرى مقاماً عظيم الشأن أوهمنـي ----------- في يقظتي أنها من جملة الحلـم يوم من العمر لم يخطر على أملي ----------- ولا ترقت إليه رغبة الـهـمـم ليت الكواكب تدنو لي فأنظمهـا ----------- عقود مدح فما أرضى لكم كلمي ترى الوزارة فيه وهـي بـاذلة ----------- عند الخلافة نصحاً غير متـهـم عواطف علمتنا أن بـينـهـمـا ----------- قرابة من جميل الرأي لا الرحم خليفة ووزير مد عـدلـهـمـا ----------- ظلاً على مفرق الإسلام والأمم زيادة النيل نقص عند قبضهـمـا ----------- فما عسى نتعاطى مـنة الـديم فاستحسنا قصيدته وأجزلا صلته، وأقام إلى شوال من سنة 550في أرغد عيش وأعز جانب، ثم فارق مصر في هذا التاريخ وتوجه إلى مكة ومنها إلى زبيد في صفر سنة 551، ثم حج من عامه فأعاده قاسم صاحب مكة المذكور في رسالة إلى مصر مرة ثانية، فاستوطنها ولم يفارقها بعد ذلك. عند وصول عمارة اليمني للقاهرة في المرة الثانية, كان وزير الفاطميين الأول هو طلائع بن زريك و كان يلقب بالملك الصالح, و كان هذا في عهد الخليفة الفاطمي الفائز, الذي ولي العرش و سنه خمس سنوات. كان عمارة معروفا عندهم بسبب زيارته الأولى, فلما جاءها هذه المرة أحسن الوزير إستقباله في بلاطه, و كان طلائع متشيعا للمذهب الإسماعيلي, فحاول حمل عمارة على اعتناقه, و لئن كان قد أخفق فيما رمى إليه, فلقد ظل طوال ما بقي من عمره يبسط صداقته للشاعر اليمني, و يتولاه بالرعاية. و توفي الخليفة الفائز سنة 555هـ. فخلفه العاضد أخر خلفاء الفاطميين, و مات طلائع في السنة التالية, فعين ولده مكانه, و لقب بالملك العادل الناصر, و لكنه اغتيل في المحرم سنة 558هـ. و قد أمدت المنازعات التي تلت مقتله, بين الأزابك و بنو شاور, حول الوزارة في الدولة الفاطمية. تدخل الأتابك نور الدين محمود سلطان حلب, لنصرة شاور, فسير جيشاً بقيادة القائد الكردي أسد الدين شيركوه, سرعان ما انتصر لشاور على منافسيه, و أعادة لمنصب الوزارة. و لكن هذا الوزير ما لبث حين سنحت الفرصة أن عمل على التخلص من حماته الأكراد, مستعيناً عليهم بملك بيت المقدس المسيحي, فصارت مصر طوال السنوات الخمس التالية مسرحاً لسلسلة من المنازعات, سرعان ما أدت إلى صراع بين كتائب نور الدين, و كتائب الصليبيين على إمتلاك مصر. و في النهاية انتصر نور الدين, قائد جيش الأتابك, و اضطر الصليبيون إلى مغادرة البلاد مشيعين بحقد أهلها بسبب ما ارتكبوا من فضائع القسوة و الاغتصاب. بعد ذلك ذبح شاور و كان في سنة 564هـ, و عين الخليفة العاضد, شيركوه في منصب الوزارة, و لقب بالملك المنصور, على الرغم من إقراره بالولاء لنور الدين. و توفي شيركوه قبل نهاية السنة فخلفه في الوزارة ابن أخيه, صلاح الدين يوسف, و لقبه العاضد بالملك الناصر, و قد ظل محتفظاً بهذا اللقب وهو راض حتى وفاته. في محرم سنة 567هـ, بينما كان الخليفة العاضد مريضاً مرض الموت, عمل صلاح الدين على إزالة الخلافة الفاطمية, و إعادة البيعة للعباسيين, متأثراً في ذلك بميوله الخاصة, و مستجيباً لمطلب أتباعه, و منفذاً لأوامر سيده نور الدين. و كانت البلاد مهيأة لهذا التغيير, فلم يلق من الناس خارج القاهرة معارضة تذكر, فما كانوا يرون من سمات هذا الانقلاب الخطير الذي وقع سوى ذكر اسم الخليفة العباسي ببغداد في الخطبة. و كان الوفاء سجية عمارة اليمني, و ذلك لأن الفاطميين قد أسروه بإحسانهم, فنظم في مدحهم الكثير من الشعر, و صحبوه مع أختلاف العقيدة لحسن صحبته. و ظل على ولائه للفاطميين حتى بعد زوال دولتهم. و قد نظم رثاء للفاطميين في القصيدة اللامية التي قال ابن سعد فيها، ولم يسمع فيما يكتب في دولة بعد انقراضها أحسن منها: رمـيت يا دهـر كـف الـمـجــد بـــالـــشـــلـــل ----------- وجـيده بـعـد حـسـن الـحـلـي بــالـــعـــطـــل سعـيت فـي مـنـهـج الـرأي الـــعـــثـــور فـــإن ----------- قدرت مـن عـثـرات الـدهــر فـــاســـتـــقـــل جدعـت مـا رنــك الأقـــنـــى فـــأنـــفـــك لا ----------- ينـفـك مـا بـين قـرع الــســـن والـــخـــجـــل هدمـت قـاعـدة الـمــعـــروف عـــن عـــجـــل ----------- سعـيت مـلـهـاً أمـا تـمـشـي عـلـــى مـــهـــل لهـفـي ولـهــف بـــنـــي الآمـــال قـــاطـــبة ----------- علـى فـجـيعــتـــهـــا فـــي أكـــرم الـــدول قدمـت مـصـر فـأولــتـــنـــي خـــلائفـــهـــا ----------- من الـمـكـارم مـــا أربـــى عـــلـــى الأمـــل قوم عـرفـت بـهـــم كـــســـب الألـــوف ومـــن ----------- كمـالــهـــا أنـــهـــا جـــاءت ولـــم أســـل وكـنـت مـن وزراء الـــدســـت حـــين ســـمـــا ----------- رأس الـحـصـان يهـاديه عــلـــى الـــكـــفـــل ونـلـت مـن عـظـمــاء الـــجـــيش مـــكـــرمة ----------- وخـلة حـرسـت مـــن عـــارض الـــخـــلـــل يا عـاذلـي فـــي هـــوى أبـــنـــاء فـــاطـــمة ----------- لك الـمــلامة إن قـــصـــرت فـــي عـــذلـــي بالـلـه در سـاحة الـقــصـــرين وابـــك مـــعـــي ----------- علـيهـمـا لا عـلـى صـــفـــين والـــجـــمـــل وقـل لأهـلـيهـمـا والـلـه مـا الـــتـــحـــمـــت ----------- فيكـم جـراحـي ولا قـرحـــي بـــمـــنـــدمـــل ماذا عـسـى كـــانـــت الإفـــرنـــج فـــاعـــلة ----------- في نـسـل آل أمـير الـمـــؤمـــنـــين عـــلـــي هل كـان فـي الأمـر شـيء غـــير قـــســـمة مـــا ----------- ملـكـتـمـوا بـين حـكـم الـسـبـي والـــنـــفـــل وقـد حـصـلـتـهـم عـلـيهـــا واســـم جـــدكـــم ----------- محـمـد وأبــوكـــم غـــير مـــنـــتـــقـــل مررت بـالـــقـــصـــر والأركـــان خـــالـــية ----------- من الـوقـود وكـانـــت قـــبـــلة الـــقـــبـــل فمـلـت عـنـهـا بـوجـهـي خـوف مـنـــتـــقـــد ----------- من الأعـــادي ووجـــه الـــود لـــم يمـــــــل أسـلـت مـن أسـفـي دمـعـــي غـــداة خـــلـــت ----------- رحـابـكـم وغـدت مـهــجـــورة الـــســـبـــل أبـكـي عـلـى مـا تـراءت مـن مــكـــارمـــكـــم ----------- حال الـزمـان عـلـيهـــا وهـــي لـــم تـــحـــل دار الــضـــيافة كـــانـــت أنـــس وافـــدكـــم ----------- والـيوم أوحــش مـــن رســـم ومـــن طـــلـــل وفـطـرة الـصـوم إذ أضـحـت مــكـــارمـــكـــم ----------- تشـكـو مـن الـدهـر حـيفـا غـير مـحـــتـــمـــل وكـسـوة الـنـاس فـي الـفـصـلـــين قـــد درســـت ----------- ورث مـنـهـا جـــدد عـــنـــدهـــم وبـــلـــي ومـوسـم كـان فــي يوم الـــخـــلـــيج لـــكـــم ----------- يأتـي تـجـمـلـكـم فـيه عـلـــى الـــجـــمـــل وأول الـــعـــام والـــعـــيدين كـــم لـــكــــم ----------- فيهـن مـن وبــل جـــود لـــيس بـــالـــوشـــل والـخـيل تـعــرض فـــي وشـــي وفـــي شـــية ----------- مثـل الـعـرائس فـي حــلـــي وفـــي حـــلـــل ولا حملتم قرى الأضياف من سعة ----------- الأطباق إلا على الأكتاف والعجل وما خصصتم ببر أهل ملتكم ----------- حتـى عـمـمـتـم بـه الأقـصـى مـن الـــمـــلـــل كانت رواتبكم للذمتين وللضيف ----------- المقيم وللـطـاري مـن الـرسـل ثم الطراز بتنيس الذي عظمت ----------- مه الـــصـــلات لأهــــل الأرض والـــــــدول وللجوامع من إحسـانـكـم نـعـم ----------- لمن تصدر في علم وفـي عـمـل وربما عادت الدنيا فمـعـقـلـهـا ----------- منكم وأضحت بكم محلولة العـقـل والله لا فاز يوم الحشر مبغـضـكـم ----------- ولا نجا من عذاب الله غـير ولـي ولا سقى الماء من حر ومن ظـمـأ ----------- من كف خير البرايا خاتم الـرسـل ولا رأى جنة الله التـي خـلـقـت ----------- من خان عهد الإمام العاضد ابن علي أئمتي وهـداتـي والـذخـيرة لـي ----------- إذا ارتهنت بما قدمت من عمـلـي تالله لم أوفهم في المـدح حـقـهـم ----------- لأن فضلهم كالـوابـل الـهـطـل ولو تضاعفت الأقوال واتـسـعـت ----------- ما كنت فيهم بحمد الله بالـخـجـل باب الـنـجـاة هـم دنـيا وآخـرة ----------- وحبهم فهو أصل الدين والـعـمـل نور الهدى ومصابيح الدجى ومحـل ----------- الغيث إن ربت الأنواء في المحـل أئمة خلـقـوة نـوراً فـنـورهـم ----------- من محض خالص نور الله لم يغـل والله ما زلت عن حبي لـهـم أبـداً ----------- ما أخر الله لي فـي مـدة الأجـل
و بعد أن ثبت الحكم لصلاح الدين, اتفق أن حضر يوماً عمارة اليمني مع الرضى أبو سالم يحيى الأحدب بن أبي حصيبة الشاعر إلى نجم الدين أيوب والد صلاح الدين, و كان إذ ذاك يقيم بقصر اللؤلؤة - الذي كان من قبل مقراً للأمراء الفاطميين - كان القصر لا يزال عامراً بالأثاث و الرياش الفاطمي الفخم, فأنشد ابن أبي حصيبة نجم الدين أيوب فقال: يا مالك الأرض لا أرضى له طرفاً *** منها وما كان منها لم يكن طرفـا قد عجل الله هذي الدار تسكنـهـا *** وقد أعد لك الجنات والـغـرفـا تشرفت بك عمن كان يسكـنـهـا *** فالبس بها العز ولتلبس بك الشرفا كانوا بها صدفاً والـدارة لـؤلـؤة *** وأنت لؤلؤة صارت بها صـدفـا أي ان القصر نال الشرف الأعظم بنزول الأمير فيه أكثر مما ناله من سكانه القدامى, فاغتاظ عمارة و رد على الشاعر بأبيات من نفس الروى و القافية متناولاً تلك الاستعارة التي جعلت من الصدفة مقاماً للؤلؤة: أثمت يا من هجا السادات والخلـفـا *** وقلت ما قلته في ثلبهـم سـخـفـا جعلتهم صدفـاً حـلـواً بـلـؤلـؤة *** والعرف ما زال سكنى اللؤلؤ الصدفا وإنما هـي دار حـل جـوهـرهـم *** فيها وشف فأسناها الـذي وصـفـا فقال لؤلؤة عجبـاً بـبـهـجـتـهـا *** وكونها حوت الأشراف والشـرفـا فهم بسكناهـم الآيات إذ سـكـنـوا *** فيها ومن قبلها قد أسكنوا الصحـفـا والجوهر الفرد نور لـيس يعـرفـه *** من البرية إلى كـل مـن عـرفـا لولا تجسمهم فـيه لـكـان عـلـى *** ضعف البصائر للأبصار مختطـفـا فالكلب يا كلب أسنى منك مـكـرمة *** لأن فـيه حـفـاظـاً دائمـاً ووفـا
و لقد حاول عمارة التقرّب إلى صلاح الدين بشعره؛ و مدحه بعدة قصائد كما مدح أباه أيوب, و رثاه بقصيدة طويلة مشهورة تعد من جيد شعر الرثاء في الأدب العربي و مدح أيضاً أخاه السلطان توران شاه بعدة قصائد؛ و لم يمض وقت طويل حتى كشف عن مؤامرة في القاهرة دبرت بمعونة ملك بيت المقدس لإعادة الدولة الفاطمية, و سرعان ما قضى عليها و قبض على زعمائها, و كان عمارة من بين من لصقت بهم تهمتها, و ثبت جرمه, فحكم عليه بالموت, و كان من أعلام مصر في تلك الفترة القاضي أبو علي عبد الرحيم البيساني, و لقد شغل رئاسة الكتابة في عهد الفاطميين, و اشتهر باسم القاضي الفاضل, و كان يمتاز بشهرة عالية لإلمامه بشئون الإدارة المصرية و بلاغته في التراسل و الأسلوب. و قد نال القاضي منزلة عالية عند صلاح الدين إذ كان من أنصارة المتحمسين له, و كان عادة يستمع لآرائه, و يستشيره في مسائل الدولة الهامة, و قد جمع القاضي ثروة طائلة, و من وقفياته التي خصصها للبر و الإحسان: وقفية حبس إيرادها لفداء الأسرى المسلمين من أيدي المسيحيين, كما شيد مدرسة ألحق بها مكتبة تحتوي على أكثر من مائة ألف مجلد. كان هذا القاضي أحد الذين ألحوا في حض صلاح الدين على خلع الخليفة الفاطمي و حظي عمارة لفترة من الزمن برعاية القاضي الفاضل, و عكف على تأليف كتاب "تاريخ اليمن" استجابة لرغبته, لكنها صداقة ما كانت لتدوم طويلاً بين اثنين مثلهما تباينت سجاياهما, و قد فرقت بينهما أحداث السياسة, و فطن عمارة قبل انقضاء وقت طويل أن القاضي ليس سوى عدو له. و يحكى انه لما صدر الحكم بموته اقترب القاضي من صلاح الدين ليساره, فصاح عمارة قائلاً:"مولاي لا تسمع إلى ما يقوله عني". فانصرف القاضي مغضباً, و التفت صلاح الدين إلى عمارة و قال له:"لقد كان يتشفع لك". فخفض عمارة رأسه صامتاً. و عندما كان عمارة في طريقة لتنفيذ الحكم, طلب أن يعرّجوا به على قصر صديقة القاضي و أكبر مستشاري السلطان صلاح الدين, عسى أن يشفع له عند السلطان, و ما كاد يواجه باب قصر القاضي حتى رآه يتوارى, و يوصد الباب في وجهه فأنشد مرتجلاً ساخراً: عبد الرحيم قد احتجب, إن الخلاص من العجب! و نفذ فيه الحكم في الثاني من رمضان سنة 569هـ. و صلبت جثته و عرضت للناس ثلاثة أيام في مكان عام. و قيل إن عمارة قد أشار بفتح اليمن و أنفذت مشورته حتى ينشغل بفتحها جيش تحت إمرة توران شاه أخو صلاح الدين, فإذا ما غاب توران شاه, و قتل صلاح الدين, خيل للمتآمرين أن في هذا ما يضمن نجاح تدبيرهم
علي السقاف

No comments: